كلمات الشاعر : إبراهيم بن قيس
صورة :
بكاؤك يوم البين يا أم حاجب | ووجدك من فقد القرين المصاحب |
يسرّك عقباه بأوبته إِذا | تهنيك بالبشرى ذوات الذوائب |
لعمرك ما أعرضت عنك لياليا | وأعمنت عن بغض ولا عن معائب |
ولكن طلاب العز أولى من الثوى | على حالة الارغام بين الرغائب |
ذريني من جبس من الناس أبلد | ثناه عن الترحال دمع الحبائب |
سلي عن فتى خاض البحار ولجَّها | وشمر بالادلاج فوق النجائب |
ولم يغتمض مذ يوم فارق أرضه | إلى أن أتاها زائراً بالقواضب |
وبالمال والأتراس والراية التي | تجذذ حلقوم الحسود المجانب |
أمد بها الندب الذي لم يكن له | شبيه بأرض الشرق أو في المغارب |
امام حميّ الأنف صدق حماؤه | عزيز رحيب الصدر جم المواهب |
أخو الدولة الزهرا التي عز أمرها | بقاضي قضاة المسلمين الأطائب |
هما رسيا فيها فقرت بأهلها | كما قرت الغبرا بصمّ الشناخب |
هم طلقا دنياهما وتزوجا | مكارهها إِذ فيه مهر الكواعب |
سمت بهما للحسنيين عزيمة | فحلاّ بها في المجد أعلا المراتب |
هنيئاً لمن أمسى وأصبح ناظراً | لوجهيهما مستحسناً كالمواضب |
فما كنت إلا باحتساب إليهما | ألجّ بطرفي دائباً أي دائب |
ألا إن قلبي مذ تغيبت عنهما | شجيّ وصدري كائب أيّ كائب |
أصت غداة البين بالبين منهما | ومن عصبة غر كمثل الكواكب |
عصابة صدق أسست كل معلم | بدين الهدى ترجو حميد العواقب |
بعرصة نزوى ذات دين وعفة | وحلم رسيب كالجبال الرواسب |
فلو أن لي نفساً ونفساً صحبتهم | بنفس ونفس ترتمي للمطالب |
لقد رمتهم قصد الأشرف حاجة | فأصبحت فيهم قاضياً للمآرب |
وما كسرور المرء بالنجح نعمة | إِذا آب عن حاجاته غير خائب |
أقول لشيخ من بني القيس أشهل | شديد اللقا شهم كريم المناصب |
كريم المحيا فيصل ذي مهابة | وجاه ووجه للقصي والأقارب |
أبي هل تراني كاذباً في مقالتي | ستنصرني الاخوان أم غير كاذب |
جلبت لك الخيرين والمجد فابشرن | بطيب حياة أو بحسن عواقب |
وما خلق الفتيان إِلا لمثلها | وإلا فهم أولى بلبس الجلابب |
ألم تر أن القوم ينعش أمرهم | فتى لا يقرُّ الضيم محض الضرائب |
إذا مات دينا لحق قمت بثاره | وناصبت فيه كل غاو مناصب |
إِذا لم أقم للحرب سوقاً فلا علت | إذاً لي يداً يوماً ولا عزّ جانبي |
سأقدح نار الحرب حتى أثيرها | بواد تغطيه ذيول الغياهب |
سأكشف غما حضرموت بوقعة | تسرّ بصرعاها ذوات المخالب |
سأقضي حقوق السيف بعدد ثوره | وأرضي بما أقريه أسد السباسب |
فلست أرى حقاً تقوم قناته | وتخفق إلا بعد نوح النوادب |
وما في امرىء أضرى الحروب ببلدة | فأبكى بواكيها إِذاً من عجائب |
متى أحمل السيف المشطب أصبحت | طغاة الورى ذلاً عراة المناكب |
وما الخير إِلا في السيوف وهزها | والقائها في الهام أو في الحواجب |
بها ندرك الفردوس والحور والعلا | معاً والمعالي والتماس المناقب |
وحمل الفتى للسيف في اللّه ساعة | كستين عاماً من عبادة راهب |
فمال إِلا السيف حصن ومفزع | إِلى أن ألاقي السيف والسيف صاحبي |
لقد شاقني للحرب يوم عصبصب | وأشرب قلبي الموت بين الكتائب |
كمثل ابن يحيى وابن عوف وأبرهٍ | وبلج ومرداس ومثل ابن راسب |
عدمت مناي إِن رضيت لمهجتي | منية مبعوث ثوى في المحارب |
لعمري إمَّا متُّ متُّ وإن أعش | فكم من حروب تصطلى ومكارب |
ألا رب يوم للجلاد أمامنا | عبوس جليل الخطب جم النوائب |
ترى الناس في بين دام وجاثم | وجاث ومنكبَّ قتيل وهارب |
هنالك تبلو كل نفس مقالها | وما أودعته في الليالي الذواهب |
لقد علم الغاوون أني لصادق | وفي بما أوعدت عند التحارب |
صورة :